سورة التوبة - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (التوبة)


        


{بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (1)}
وتسمى سورة التوبة، وتسمى أيضاً الفاضحة: لأنها كشفت أسرار المنافقين، واتفقت المصاحف والقراء على إسقاط البسملة من أولها، واحتلف في سبب ذلك، فقال عثمان بن عفان: اشتبهت معانيها بمعاني الأنفال، وكانت تدعى القرينتين في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلذلك قرنت بينهما فوضعتهما في السبع الطوال. وكان الصحابة قد ا ختلفوا هل هما سورتان أو سورة واحدة؟ فتركت البسملة بينهما لذلك وقال علي بن أبي طالب: البسملة أمان، وبراءة نزلت بالسيف، فلذلك لم تبدأ بالأمان {بَرَآءَةٌ مِّنَ الله وَرَسُولِهِ} المراد بالبراءة التبرؤ من المشركين، وارتفاع براءة على أنه خبر ابتداء أو مبتدأ {إِلَى الذين عاهدتم مِّنَ المشركين} تقدير الكلام: براءة واصلة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين، فمن وإلى يتعلقان بمحذوف لا ببراءة، وإنما أسند العهد إلى المسلمين في قوله عاهدتم من المشركين، فمن وإلى يتعلقان بمحذوف لا ببراءة، وإنما أسند العهد إلى المسلمين في قوله عاهدتم، لأن فعل النبي صلى الله عليه وسلم لازم للمسلمين، فكأنهم هم الذين عاهدوا المشركين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد عاهد المشركين إلى آجالٍ محدودة، فمنهم من وفى فأمر الله أن يتم عهده إلى مدته، ومنهم من نقض، أو قارب النقض فجعل له أجل أربعة أشهر، وبعدها لا يكون له عهد.


{فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (2)}
{فَسِيحُواْ فِي الأرض} أي سيروا آمنين أربعة أشهر، وهي الأجل الذي جعل لهم، واختلف في وقتها فقيل: هي شوال وذو القعدة وذو الحجة والمحرم، لأن السورة نزلت حينئذ وذلك عام تسعة، وقيل: هي من عيد الأضحى إلى تمام العشر الأول من ربيع الآخر، لأنهم إنما علموا بذلك حينئذ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث تلك السنة أبا بكر الصديق يحج بالناس، ثم بعث بعده علي بن أبي طالب فقرأ على الناس سورة براءة يوم عرفة وقيل: يوم النحر {غَيْرُ مُعْجِزِي الله} أي لا تفوتونه.


{وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (3)}
{وأذان} أي إعلام بتبرِّي الله تعالى ورسوله من المشركين {إِلَى الناس} جعل البراءة مختصة بالمعاهدين من المشركين، وجعل الإعلام بالبراءة عاماً لجميع الناس: من عاهد، ومن لم يعاهد، والمشركين وغيرهم {يَوْمَ الحج الأكبر} هو يوم عرفة أو يوم النحر، وقيل: أيام الموسم كلها، وعبر عنها بيوم كقولك يوم صفين والجمل، وكانت أياماً كثيرة {أَنَّ الله برياء مِّنَ المشركين} تقديره أذان بأن الله برئ، وحذفت الباء تخفيفاً وقرئ إن الله بالكسر، لأن الأذان في معنى القول {وَرَسُولُهُ} ارتفع بالعطف على الضمير في برئ، أو بالعطف، على موضع اسم إن، أو بالابتداء وخبره محذوف وقرئ بالنصب عطف على اسم إن، وأما الخفض فلا يجوز فيه العطف على المشركين لأنه معنى فاسد ويجوز على الجوار أو القسم، وهو مع ذلك بعيد والقراءة به شاذة {فَإِن تُبْتُمْ} يعني التوبة من الكفر.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8